الأربعاء، 11 أغسطس 2010

    ليلة كغيرها

    ليلة قاتمة مرت عليه كسابقاتها من الليالى....نفس المشهد تكرر فى آخر أيامه...حجرته ذات الأركان المظلمة التى أحاطها كساء الليل البهيم... فراشه الذى حفَّته أشواك أحزانه الحادة... لا أنيس له ولا جليس الا دموعه السائلة على خديه... أشجانه المتفجرة بين جنبيه... همومه اللامعة فى مقلتيه... أصوات محبيه الراحلين التى لا تزال تدوى فى أذنيه ...استقر على فراشه فى سكون اشبه بسكون الأموات... فى صمت اقرب الى صمت الأشلاء ...وعيناه معلقتان بذلك المصباح الخافت فى سقف حجرته المشبعة بعبراته ينظر اليه نظرة البائس اليائس ...لا يرى فيه الا صورة باهته لمن أحبهم وفارقوه ...لمن اشتراهم وباعوه... لمن أخلص لهم وخانوه... أشخاص تمر صورهم فى ذهنه... شريط طويل من ذكرياته تعلق بذاكرته... لا يرى من الأشخاص الا الراحل المخلص والباقى الذى لا يرى فيه الا صورة المريض... لا يرى من الذكريات الا الماضى السعيد فى بدايته التعيس فى نهايته....فكان الملك المتوج على عرش الأحزان...الأمير المنصب على كرسى الأشجان...كثيرا ما كان للنجاح معانقا ...للفلاح مصادقا... للصلاح مرافقا... لكنه عاد ليجد نفسه غريبا فى زمن تاه فى دوامة سكانه الذين قابلوا وفائه بغدرهم...قابلوا توسلاته بظلمهم...قابلوا حبه بكرههم... ليصبح حليفا للفشل ...اسيرا للتعاسة... مكبلا بالهموم... على أية حال فان هذا المبتلى الباكى لا يملك الا استكمال رحلة عذابه وحيدا شريدا بلا صديق او رفيق ليسطر من حياته ما تبقى له منها من سطور الوداع والسقوط ولعل أمنيته فى هذا الا تطول تلك السطور ليلحق بالراحلين من محبيه... المودعين من مريديه ...المفارقين من ذويه.

    0 التعليقات:

    إرسال تعليق