الأحد، 11 يوليو 2010

    تائه غريب

    ما اتعسها من ايام طويلة....وما اقساها من ليالى اطول...تلك التى يعيشها ذلك المسكين التائه فى وطنه...الغريب بين اهله...المنعزل وسط اصدقائه...ولما لا وقد اذاقته الحياة من مرارة كاسها ما وأد اجمل احلامه ...وجرعته من غصص الامها ما دفن اعز اماله بين طيات النسيان...لم يتخيل يوما ان يحرمه القدر من اعز ما يملك ولم يتبادر الى ذهنه ليلة ان ينتزع منه اثمن ما يحب....ولم يتصور ولو للحظة ان يلقى به الزمن فى بحر هائج الرياح مترامى الشطئان متلاطم الامواج....ليعيش ما تبقى له من عمره تائها فى طريق شائك مظلم يسير فيه وحيدا بلا رفيق ... شريدا بلا صديق.
    مسكين هذا الغريب التائه كم غير الزمان من مترادفات حياته البسيطة السعيدة المشرقة الهادئة الجميلة وابدلها باخرى شاردة باهتة قاتمة تعيسة حزينة...فقد اضاف الى قاموس حياته كلمات لم يألفها ومعان لم يعهدها فلم تطأ المصائب له ارضا قط ولم تشق الكوارث له سبيلا ابدا قبل تلك الفترة الزمنية التى نالت من كل جميل داخله وقتلت كل مشرق كان يحتويه....فصارت حياته كلها عزفا على اوتار الحانها الالم...و اصبحت دنياه باكملها عشبا لبساتين اشجارها الندم...وظلت ايامه جميعها امواجا لبحار شطئانها العدم.
    ما اجملها من ايام زاهية قضاها سعيدا مع من احبوه واحبهم....ما اعذبها من ذكريات بهيجة قضاها مسرورا مع من اخلصوا له و اخلص لهم....لكن الدنيا ابت الا ان تزيل اشراق ابتسامته وتقضى على شعاع الامل الذى يحيا به هذا الفؤاد....هذا الفؤاد الذى طالما غمرته الضحكات وأظلته الابتسامات...ثم عاد ليغرق فى امواج الاحزان و يطعن بخناجر الانكسارات.
    على اية حال فان هذا المجروح التائه الغريب لا يملك الا ان يستكمل رحلته دامعا على ذكريات لن تعوض...باكيا على اناس لن تتكرر....متنقلا بين سبل الضياع ينتقل من سبيل يطغى عليه بعقباته الى اخر يسقيه من غصص نكباته....وهو بين هذا و ذاك يفتقد السراج الذى يضىء له ايا من السبيلين ....فعاش ساخطا على حياة ظالمة....زاهدا فى ايام جائرة....كارها لدنيا بغيضة..... مفضلا ان يعيش اسيرا فى قفص الوحدة...مقيدا باغلال الانعزال ...املا فى بلوغ موته الذى يزيل عنه عناء الهموم المتتابعة و يريحه من شقاء الاحزان المتتالية....وظل منتظرا مصيره الذى يأخذه الى عالم اخر يجد فيه راحته الابدية....ومشتاقا الى نهايته التى تاخذه الى حيث يرتاح من هموم الحياة التى اثقلت كاهله الضعيف..

    2 التعليقات:

    غير معرف يقول...

    كلام جميل أوى يابوحميد ما شاء الله

    ahmed.ibrahem يقول...

    ده من ذوقك بس ربنا يخليك

    إرسال تعليق